
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم
أيها المسلمون: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمه، ولا إله غيره. من اعتصم به هُدي إلى صراط مستقيم، ومن استعان به واستعاذ أوى إلى ركنٍ شديدٍ. نزَّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين. أعظم ما تتعلق به القلوب رجاؤه. وأعذب ما تلهج به الألسن ذكره ودعاؤه. سبحانه وتقدس وتبارك لا شفاء إلا شفاؤه. خلق الأجساد وعللها، والأرواح وأسقامها، والقلوب وأدواءها، والصدور ووسواسها
أيها الإخوة: صلاح الجسد مرتبطٌ بصحة المعتقد، بل متى يصلح الجسد إذا لم يصلح المعتقد؟؟.
حين يضعف وازع الإيمان، ويختل ميزان الاعتقاد تختلطُ الحقائق بالخرافة، وتنتشر الخزعبلات والأوهام، ويفشو الدجل والشعوذة. ويضيع الحق بين فريقين؛ ضلاَّلٌ ماديون ينكرون الغيب وعالمه ويكفرون بما جاءت به رسل الله من الحقِّ، وكلُّ ما عدا المادة فهو عندهم أساطير وأوهامٌ من معتقدات المجتمعات البدائية، أساطير تخطَّاها الإنسان المتحضر. الإيمان بالغيب عندهم ردة حضاريةٌ إلى عصور الظلام.
يقابلهم فريق آخر عششت الخرافات في رؤوسهم وامتلأت بالخزعبلات صدورهم، تعلقت قلوبهم بالسحر والكهانة، ارتبطت مصائرهم بالتنجيم والعرافة، ضربٌ بالكف والرمل، ونظرٌ في الوَدَع والخرز، واستشفاء بالأنواء.
وكلا الفريقين قد سلك مسلك الجاهلية. أما الأولون فجاهليتهم الإعراض عن العلم المتنزل على رسل الله، ورفض ما جاء به المرسلون. فلاسفة وملاحدة وزنادقة:
فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مّنَ ٱلْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ
[غافر:83]. وأما الآخرون فاعتمدوا على التقاليد الفاسدة وبنوا حياتهم على الظنون والتخرصات وتعلقوا بأهل الكهانة والسحر والتنجيم فهم في لون آخر من الجاهلية الجهلاء؛
وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ
[النور:40].----------------
المصدر
عنوان الخطبة
|
الكهنة
والمشعوذون
|
اسم الخطيب
|
صالح
بن عبد الله بن حميد
|
