ثانياً: خوف الشيطان
من بعض عباد الله وهربه منهم :
إذا تمكن العبد
في الإسلام، ورسخ الإيمان في قلبه، وكان وقّافاً عند حدود الله، فإنّ الشيطان يفرق
منه، ويفرّ منه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: (إن الشيطان ليخاف
منك يا عمر) (2) ، وقال فيه أيضاً: (إني لأنظر إلى شياطين الجنّ والإنس قد فرّوا من
عمر) (3) ، وفي صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لعمر بن الخطاب: (والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلى سلك فجاً غير فجك)
(4) .
وليس ذلك خاصاً
بعمر، فإن مَن قوي إيمانه يقهر شيطانه، ويذله، كما في الحديث: (إن المؤمن لينصي شيطانه
كما ينصي أحدكم بعيره في السفر) . رواه أحمد. قال ابن كثير (1) : بعد أن ساق هذا الحديث:
" ومعنى لينصي شيطانه: ليأخذ بناصيته، فيغلبه، ويقهره، كما يفعل بالعبير إذا شرد
ثم غلبه ".
وقد يصل الأمر
أن يؤثر المسلم في قرينه الملازم له فيسلم، أخرج مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد وُكّل به قرينه من الجن وقرينه
من الملائكة) ، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: (وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم،
فلا يأمرني إلا بخير) (2) .
_________
(2) صحيح سنن الترمذي:
3/206. ورقمه: 2913.
(3) صحيح سنن الترمذي:
3/206. ورقمه: 2914.
(4) رواه البخاري:
6/339. ورقمه: 3294.
(1)
البداية والنهاية: 1/73، وفي رواية أخرى: (لينضي شيطانه) أي يهزله ويجعله نضواً أي
مهزولاً لكثرة إذلاله له وجعله أسيراً تحت قهره وتصرفه.
(2) رواه مسلم:
4/2167. ورقمه: 2814.
مقال من كتاب عالم الجن والشياطين - للدكتور / عمر الأشقر
